«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2006

﴿  ٨٥  

في ذاتِ مرَّةٍ..
قُلتُ له: ٵُحِبُّكَ..
فضحكَ بصوتٍ عذبٍ لم ٵسمع مثله في حياتي و قال: و ٵنا ٵُحِبُّكَ..
سمعته.. نعم سمعته. صوته مبحوح..
فأنا استطيعُ ٵن ٵُميز صوته من ڪومة الأصوات التي ڪنتُ ٵسمعها..
حفظت هذه النبرة جيداً. نبرة جميلة جداً..
جعلتُ ٵستمعُ خطابه يومياً؛ لا بل ڪل دقائق..
ثم بدأت في التحاورِ معه..
في البدايةِ ڪان حواري معه بهيبةٍ و تشدُدٍ..
ثم تعودتُ عليه.
فأخذت ٵُمازحه تارةٍ..
و ٵضحك معه تارةٍ..
و ٵطرده تارةٍ ٵُخرى..
و ٵسردُ له ٵحداث يومي، بالرغمِ من ٵني ٵعلم بأنه يعرفُ ڪلُ شيءٍ..
و في بعضِ الأحيان ٵنفِرُ منه و لا ٵستمعُ ڪلامه..
ولڪنه ٵبداً لا يتركني..
و ٵبداً لا ينفِرُ مني.. مهما نفَرتُ منه..
فڪلما ابتعدت؛ ٵزداد تقرباً مني..
و حينما يقتربُ مني و يُحدثني؛ لا ٵستطيعُ إلا الرجوعَ إليه..
تعلمتُ معه ٵشياءٌ ڪثيرةٌ..
تعلمتُ معه «فنِ الحوار من نوعٍ آخر».
يقفُ بجانبي في ڪلِ الأمورِ..
و يدعمُّني إلــے المُضي قُدماً للأمامٍ..
لا يڪلُ، و لا يملُ. فعجيباً هو ٵمره..
هل تعرفون مَن الذي ٵُخاطبه.. ؟
هل ٵنتم ٵيضاً تُخاطبونه مثلي.. ؟
ٵم ٵنڪم تخشون الڪلام عنه.. ؟
إذا ڪنتم تعرفونه؛ ڪيف هو حوارڪم معه.. ؟
هل هو قليلٌ ٵم كثيرٌ.. ؟
ٵم ٵنڪم لا تسمعونه بتاتاً؛ و لا تعلمون مَن هو.. ؟
ببساطهٍ شديدةٍ مَن ٵقصده هو:
« الشَّيطَان»..
لا تستغربوا؛ و لا تقولوا أنه ضربٌ من الجنون. لا بل هو حقيقة..
إن ڪنتم تقولون ٵن الخطاب معه مُجرد جنون..
فللأسفِ ٵنڪم لا تملڪون حاسة السمعِ..
و ٵني لأتأسَّي علــے ضميرڪم المُرهق..
لا تستنڪروا ذالك..
«تعلموا فن حوار الأرواح»
ٵنتم جربوا فقط ٵن تسألوه سؤالاً..
سترونه بداخل ٵرواحڪم يُجيب علــے السؤال..
و إن لم يڪن يعرف الجواب، سيدلڪم علــے مَصدرِ الإجابةِ..
صدقوني و حاولوا..
اڪتشفوا صفاته..
و تلذذوا في الحوار معه و اڪتشافه..
فأنا شخصياً ٵضحكني شيطاني.. فهو ثرثارٍ  إلــے حدِ الإفراط..
و ٵنتم هل تعرفون شياطينڪم .. ؟
هل تعرفون صفاتها .. ؟
ألا يَرِقُّ قلبڪم لحالهِ المسڪين و هو يناديڪم، يُريدُ التحدثَ، الحوارِ..
و حتى المُزاحِ معڪم.. و ٵنتم لا تسمعونه..
هل تعلمون ما هو ٵڪثر شيء يُعجبني في الشيطان.. ؟
إنني حينما ٵغضب منه.. ٵو بالأصحِ حينما يعلو صوتُ الضمير علــے صوتهِ..
ٵستمع لصوتُ الضمير..
و ٵطلبُ من الشيطان الذهاب..
إنه لا يزعل.. و لا يرحل..
بل يأتي بأسلوبٍ سحريٍّ فاتنٍ.. يفتنني للغايةِ..
و لا ٵلبثُ إلا قليلاً.. فأسمع له مرَّةً ٵُخرى..
و ٵقولُ له بابتسامةٍ منهزمةٍ:
«ٵيها الساحر ٵرجعتني لصوتك العذب، فشڪراً لكَ»
و ما يَلبثُ هو ٵن يبتسم بحنانٍ قائلاً: «عفــواً»..
هذا هو ٵڪثر ما يُعجبني فيه.. لا يتركني مهما طردته..
و ٵخيراً و ليس ٵخراً، ٵُريد ٵن ٵقول جُملةٌ:
«لستُ ٵنا مَن ڪتبَ الموضوع.. بل هو شيطاني»
فلقد ٵصبحَ طماعاً.. و لم يڪتفي بمحادثتي..
بل ٵراد ٵيضاً ٵن يُحادثڪم لڪي تَرِقَّ قلوبڪم علــے شياطينڪم التى هى ٵُخوانه..
ققط لڪي تحدثوهم..
و ٵما هذه الجُملةُ فهى مني لشيطاني و فيها ٵقول:
«ياشيطاني إني ٵغارُ عليك فحدثنى ٵنا فقط، فهم لديهم شياطينهم ليحدثونها»
و ٵسمع صوته قائلاً:
«حسناً.. حسناً.. في وقتٍ ٵخر سنناقشُ هذه الجُملة و لڪن الأن ٵنت لي وحدي»
قالها و نَزِلَ من علــے ڪتفي ليجلسُ ٵمامي و يُراقبني.