«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الأحد، 28 ديسمبر 2008

﴿ ٢١٠  

«جدتي "ليزه" ساحرة»
هذه هى الفڪرة التي توصلت لها بعد تفڪير طويل.
ڪنت ٵراها تتحرك بخطواتٍ بطيئةٍ هادئةٍ، تبتسم لنا و هى تنظرُ من خلفِ نظارتها المدوَّرة، ڪانت النظارةُ بالنسبةِ لنا ٵيضاً سِحراً غريباً، نوافذٌ زُجاجيةٌ صغيرةٌ جداً، حتى ٵنَّ جدتي استطاعت ٵن تحملها فوق ٵنفها؛ نوافذٌ مدوَّرةٌ، من خلفها تتضحُ الرؤيةُ ٵڪثر، عڪس ڪُلُّ النوافذِ.
ڪان صوتُ جدتي و هو يحڪي الحواديت، يأتي من مڪانٍ بعيدٍ، ڪنتُ اسمعُ له صَدى، و ڪان يُمڪن لصوتها هذا ٵن يرسمَ ٵمامَ عيني الصورُ؛ ڪان صوتُ جدتي مقشّتها السحرية الطائرة التي تحملني فوقها إلــے مُدنٍ غريبةٍ.
ڪانت جدتي تملك ٵڪثر من عصا سحرية مختلفة الأشڪال و الأطوال، تفتح حقيبتها تتناول عصا طويلة و توءمها، تُسحر بها ڪور الخيط فتتحول إلــے «بلوفر» يحميني من بردِ الشتاءِ، تسحبُ عصا ٵصغر و بخيطٍ ٵرفع تزرع الورد في «طاقيةِ» جِدِّي؛ ڪانت لديها شوڪةٌ صغيرةٌ تُحول بها الأقمشةُ إلــے «فساتين» لأُخوتي، و تجمع بها حبوبِ الخرزِ و تصنعَ عُقداً.
ڪانت تُڪلم الطيور و القطط و الڪلاب، و سمعتها يوماً تقول لنبتةٍ صغيرةٍ «شدِّي الحَيْل و ٵڪبري»؛ و فعلاً بعد مُضي الأيام سَمِعت النبتةُ ڪلامها و ڪبُرَت و ٵزهرت.
ليزه جدتي الساحرة عَرِفت ڪثيراً من التعاويذ المُفيدة، ڪانت تُتمْتمُ بها في ڪُلِّ حينٍ؛ في يومٍ ڪانت ٵُختي محمومةٌ، و جلَّست ٵُمي بجوارها تضعُ علــے رأسها قطعةِ قماشٍ مُبللةٍ، تُغيرها ڪُلما جفَّت، و جاءَ الطبيبُ و ٵعطاها دواءاً، وسَمعتُ جدتي تُرددُ تعاويذها بهدوءٍ «يارب ٵشفي حفيدتي و بارك لنا فيها»؛ و في صباحِ اليوم التالي ڪانت ٵُختي قد شُفيت تماماً.
و في ٵيامٍ ٵُخرى ڪانت تُرددُ ٵصواتاً سِحريةً «هو هو نينا هو» يهدأُ بها صراخَ ٵُختي الرضيعة و يصيرَ نوماً.
ذات صباحٍ صَحّوتُ من نومي و لم ٵجد جدتي، قالوا لي إنها في مڪانٍ قريبٍ ٵسمه المُستشفى؛ بعدها قالت ٵُمي إنها رحلت إلــے السماءٍ، لم ٵتعجبُ لأنني ٵعرفُ ڪم هى ساحرةٌ؛ و بالتأڪيدِ استطاعت ٵن تُنبتَ لها جناحينِ و تطيرُ.