«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

﴿ ٢٣٠

- عايز أنام في سريرك يا تيته؛
- تعالى يا حبيبي.
يدور رأسي اليوم حين ٵستعيد شحنة الصدقِ في عبارةِ «تعالى يا حبيبي».
بعد ٵن ڪبرتَ، سمعت هذه الڪلمةِ عشراتِ المرَّاتِ، و عبثاً بحثتُ عن مذاق التجرُّدِ القديم الذي تضمه ڪلماتَ جدتي في ڪلماتِ النساءِ، ما من مرَّةٍ واحدةٍ عثرتُ ابداً. لم تُعطني المرأة ما اعطته جدتي من الحُبِّ. ڪان فِعلها مُنزهاً من العللِ
و الأغراضِ و الحاجةِ، ڪان فِعلها مثل زهرةً تمنحَ عِطرها لأنها لا تستطيعَ ٵن تفعلَ شيئاً غيرَ ٵن تمنحَ عِطرها. ڪانت جدتي هى الڪلمةُ ذاتها، ڪلمة الحُبُّ ذاتهُ.
ڪنت دائمُ البحثِ عن هذه البراءةِ القديمةِ التى ڪانت تقفُ علــے طرفي نقيضٍ،
فلم تڪن جدتي لطيفةٌ ٵو رقيقةٌ مع الجميع حتى ليُمڪن القول ٵنَّ هذه الأمورَ طبيعتها الثانيةِ؛ علــے العڪسِ من ذلك تماماً.
ڪانت صارمةٌ إلــے الحدِ الذى لا يجرؤ فيه مخلوقٌ علــے مناقشتها، فقد ڪانت تستمد صرامتها من عدالةٍ حاسمةٍ و عقلٍ مُسيطرٍ.
اذڪر يوم ماتت جدتي..
لم ٵهضمُ ما حدث.
جلستُ في غرفتها علــے الأرضِ، عيني علــے الفراشِ الساڪنِ
و ثمةَ إحساسٍ مُسيطرٍ بأنني ٵقفُ علــے سطحِ الڪرةِ الأرضيةِ و هى تدورُ بي وحدي.
ماتَ الترابَ و الهواءَ و النارَ و الماءَ، ماتَ الإنسانَ و الحيوانَ و النباتَ و الجمادَ.
بقيتُ وحدي تماماً علــے سطحِ الأرضِ و هى تدورُ، راحت الأرضَ تدورُ.
ثم توحدَ عقلي مع الأرضِ، فلم أُميزَ بينهما؛ و دارَ ڪُلُّ شيءٌ.