«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الاثنين، 1 مايو 2006

﴿  ٥١  

في ڪُلِّ مرَّةٍ و ٵنا في طريقي إلــے العملِ ٵطرحُ سؤالاً علــے نفسي:
لمَ ٵنا هنا ؟ و لماذا ٵختارت لي أيامي هذا العمل ؟
ٵُفڪرُ دائماً ڪيف لي ٵن اڪسر قيود الروتين، فظروف عملي و طِبَاع رؤسائه، ڪلاهما ڪان من الوزن الثقيل. هذا ما ڪنتُ ٵُفڪّر بهِ. ٵما الأنَّ فسأقصُ عليڪم ما حدث لي بسرعةِ، فلا ٵُريد ٵن يطول حديثي معڪم، و ٵيضاً ارغب بأجابة سؤالٍ، سوف ٵسألڪم إياه في النهاية.. و ما حدث هو:
ذات يومٍ و فيما ٵنا ذاهبٌ إلــے هناك «العمل»، رأيت شخصاً طويل القامة، ٵنيق الشَڪلِ. ڪُنتُ اَلمَحَهُ يُرَافقُني منذُ بدايةُ الطريقِ. في البدايةِ.. لم ٵعِرهُ ٵيٍّ ٵهميةٍ. تابعتُ مُسرعا حتى ٵصلُ باڪراً، جلستُ علــے المڪتبِ، و طلبتُ قهوتي الإعتيادية، و إذا و من خلفي يأتي صوتٌ غريبٌ قائلاً: فنجانانِ من فضلك. إستغربتُ من هذا الصوت، ٵلتفتُ فرأيتُ نفسُ الشخص الطويلُ.
- مَن ٵنتَ، رأيتكَ تُرافقني صباحاً إلــے العملِ و ها ٵنا ٵراكَ داخل العمل، ماذا تُريدُ ؟
- لا ٵرُيدُ شيئاً منكَ، و لڪنني سأُحققُ لكَ شيئاً دائماً ما تطلُبهُ.
- ٵني لا ٵطُلبُ شيئاً.
- بَلَى، ٵنتَ دائما تُفڪرُ ڪيفَ يمُڪنُ ٵن تُصبحُ مُديراً لهذا العمل. و ٵنا هو حلمكَ الذي سيحققُ لكَ ذلكَ و واجبي مُرافقتكَ حتى تُصيبَ هدفكَ.
- إذا ڪُنتُ حِلماً، ڪيفَ تتجسدُ و تُصبِحُ إنساناً.
- هواجسكَ و رغبتكَ الشديدةُ هى التي ٵيقظتني و ٵوجدتني.
من هذه اللحظة و هو معي في ڪُلِّ مڪانٍ، في بيتي، عملي، نُزهتي و في ٵفراحي و ٵحزاني. ڪنتُ ٵتبادل الحديث معه تَارِةٍ، و في ڪُلِ مَرَّةٍ ڪان يُذڪرني ٵنه مجرد حلمٍ، حلمٍ سيغادر يوماً. و بالفعل ذات صباحٍ مُشرقٍ.. ٵذڪرُ. ٵستيقظتُ دون ٵن ٵجِدُ صديقي الثقيلُ. بحثتُ عنهُ في ڪُلِ المنزل، فما من ٵثرٍ. للحظةٍ شعرتُ بالسرورِ، لأنني ٵخيراً تخلصتُ منه. ٵرتديتُ ثيابي و توجهتُ إلــے العملِ و ما ٵن رأني زملائي هناك، حتى ٵخذوا يبتسمونَ لي و يقولون لي «ألف مبروك»، «مبروك المنصب الجديد». عرفتُ فيما بعد ٵنَّ رئيسُ الشرڪةِ قد ٵطاح بالمديرِ السابق و نَصَبَني ٵنا مديراً جديداً، لم ٵتمالكُ نفسي. في البدايةِ ڪانت فرحتي لا تجاريها فرحةِ. عرفتُ لحظتها لماذا فارقني ذلك الأنيقُ. فالحِلمِ ٵصبحَ حقيقةٌ. ذهبتُ إلــے المڪتب الجديد بسرعةٍ، دخلتُ من الباب الذي ڪان دائما يُخيفني،  و إذا هناك ٵربعة ٵشخاصٍ داخل المڪتب، ڪانوا مُتشابهي الملامح، و ڪانوا جميعهم يبتسمونَ لي.
سألتهم: عفواً.. لڪن مَن ٵنتم ؟ قالوا نحن ٵحلامك.
- قال الأولُ: ٵنا حِلمكَ لأن تُصبحَ مُديرا لهذه الشرڪةِ.
- قال الثاني: ٵنا حِلمكَ في ٵن تستبدلُ منزلكَ.
- قال الثالثُ: ٵنا حِلمكَ في ٵن تبتاعَ لنفسكَ سيارةٍ.
- و قال الأخيرُ: ٵنا حِلمكَ لأن يُصبحَ لديكَ رصيدٍ ڪبيرٍ من المالِ.
عندها تغيرَ السؤالُ في نفسيِ. فعندما ڪنتُ لا ٵملكَ سوَى حُلمٍ واحدٍ، ڪانت حياتي عسيرةٌ و مُتعِبةٌ. ٵما الأن، فقد ٵصبحَ عندي ٵربعةٌ !
ٵخبروني ٵرجوڪم.. ماذا ٵفعل بهم ؟