«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الثلاثاء، 14 مارس 2006

﴿  ٤٣  

رغمَ قناعتي بأنَّ الطريقَ الوحيدَ ٵمامَ المرأةِ لحلِ مُشڪلاتها ٵن تڪونَ الناطقةُ بلسانِ حالِـها. لذا سأفتحُ بابَ الحوارِ و لڪُم الحُرية:
عندما يضعُ الرَّجُلُ العربي ڪلمةَ «المَرْأةُ» في جمُلةٍ مُفيدةٍ، فهو يقعُ ٵسيرَ صراعٍ عنيفٍ.. فَفي العلنِ يقولُ إنَّها الجوهرةُ المصُونةُ المڪنونةُ، و في السرِ يُخفي احتقارهُ لها، و تعاليهِ عليها، و نظرتهُ المُزمنة إلــے ڪيانها ڪمواطنٍ من الدرجةِ الثانيةِ. و لا يوجدُ تِراثً ٵدبي في الڪونِ يحملُ ڪُلُّ هذه الڪميةِ من الغزلِ البريء و غير البريء في المرأة. و لڪنه في نفسِ الوقت هو غزلٍ جسديِّ لم يتطرقُ إلــے التغزلَ في العقلِ ٵو الفڪرِ ٵو السلوك. هذه الإزدواجية الذُّڪوريَّة هى التي جعلت من المرأةِ لوحةُ تَنْشينٍ سهلةٍ لرُصاصاتٍ الرَّجُلِ الطائشةِ، و صَنَعت منها تمثالاً محّشواً بالقشٍ، مثله مثل النماذجِ التي يتدربَ عليها لاعبو المُلاڪمةِ. فيُڪيلُ لها اللڪماتِ الماديةِ و المعنويةِ، ليُفرِغَ فيها ڪبتهُ المزمن و عُقدهُ المتضخمة و طاووسيته المتورمة، و تڪون النتيجة مُجرد عيشةٌ، و ليست حياةٌ. عيشةٌ فيها طرفٌ ضّد طرفٍ آخر و ليس طرفٌ مع طرفٍ آخر. عيشةٌ مثل لعبة «البَازِلْ» التي ضاعت منها قطعةٍ واحدةٍ، ولڪنها القطعة التي بدونها لن يڪتمل الشڪل ابداً. هذه القطعة هى التفاهم و التواصل الذي لا يُمڪن ٵن يحدث نتيجة إحساسِ الدونيةِ التي تعيشهُ المرأةٍ، و الذي يؤدي إلــے قَبولِ العُنفُ ضدها ڪأمرٌ واقِعٌ، و هو عُنفٌ ڪرستهُ للأسف الثقافةُ السائدة. لدرجة ٵنَّ ڪثيرٍ من النساءٍ لم يَعُدْنَّ يَرَينَّ فيه مشڪلةٌ، بل يعتبرونهُ حقاً إلهياً للرَّجُلَ.
و لابُد ٵن ٵذڪُرَ معنَى «العُنفِ» لتتضحَ الرؤيةُ:
«ٵيُّ فعلٍ عنيفٍ قائمٍ علــے ٵساسِ الجنسِ، ينجُمُ عنه ٵو يُحتملَ ٵن ينجُمُ عنه ٵذَى ٵو مُعاناةٍ جسديةٍ ٵو نفسيةٍ ‹بما في ذلك التهديدَ بـإقترافِ هذا العملَ›. ٵو الإڪراه ٵو الحرمان التعسُفي من الحرية، سواء وقعَ ذلك في الحياةِ العامةِ ٵو الخاصةِ». و هڪذا يتسع مفهوم العُنف ليشمل العُنف المنزلي و المؤسسي و الأجتماعي. و هو بذلك لا يعني فقط الإيذاء الجسدي و المعنوي المتمثل بالضربِ و القتلِ و الأغتصابِ، و ما تتعرضُ له المرأةِ من إهاناتٍ و إڪراهٍ و إذلالٍ و تهديدٍ و شتمٍ و حرمانٍ. بَل يُعني ٵيضاً ڪافةُ ٵشڪالِ السلوك الفردية و الأجتماعية، المباشرة و غير المباشرة التي تؤثر سلباً علــے المرأةِ جسدياً و نفسياً، و التي تُعرقِلُ تنمية شخصيتها و قُدراتها و مُواهبها و تَحُطُ من قُدرتها و ڪرامتها و تؤڪد تبعيتها، و تحرمها من ممارسة حقوقها، و تحجبها عن المشاركة الفعلية في التنميةِ الشاملةِ لأُسرتها و مُجتمعها و وطنها. و تشمل أشڪال التميز المؤدي إلــے العنفِ ٵشياءٌ ڪثيرةٌ مثل فُرصِ التعليمِ و العنايةِ الصحيةِ و الغذائيةِ و توزيع الأدوار داخل الأُسرة و منحُ الحُريات الشخصية و القوانين و التشريعات.
و العنف ضّدَ المرأةِ في مِصْر يتميز عن العنف في مناطقٍ ٵُخرى في العالم بميزةٍ فريدةٍ، و هى إنه يُمارسُ مُنذ الطفولةُ، و ٵحياناً قبلها، و هى مُجردُ جنينٍ في ٵحشاءِ الأُمِ. فثقافتنا السائدة في ڪثيرٍ من الأحيان مازالت تتوجسُ من ولادةِ الأُنثى. و من هنا نسألُ:
- هل المرأةِ مسلوبٌ حقُها ؟
- هل المرأةِ ڪائنٌ ناقصٌ بمفردها، لا يڪتملُ إلا بوجودِ الرَّجُلِ ؟
- هل المرأةِ تتمتعُ بڪافةِ الحقوقِ مثل الرَّجُلُ في مجتمعاتنا الشرقية ِ؟
- هل نظرةْ الرَّجُلُ للمرأةِ نظرةٍ جنسيةٍ فقط ؟