﴿ ٤٩ ﴾
التقيت به مرَّةٍ ٵُخرَى.. ڪان ٵشدَ نُحولاً
من المرَّةِ السابقةٍ. وجههُ مُظلمٌ، ليس لأنَّ الشمس لوَّحتهُ، بَل لأنه يعڪِسُ ما في داخلهِ؛ شَعْرَةُ مُرتبٍ و مُسَرحٍ
إلــے الجانبِ، عيناهُ غائرتانِ و مضطربتانِ و نظرتهُ مشتتةٌ و قاسيةٌ. ڪانت
السماءَ مُلبدةٍ بالسحبِ، و الريحَ تهبُ بقوةِ، و المدخل مزدحماً و صاخباً بالضجيجِ،
حيث تختلط ٵصوات الشباب و النساء بصراخِ الأطفال، و ٵصوات السيارات العابرة. رأيته
يمشي وسط نهرٍ متدفقٍ من الأجسادِ، و سيجارةٌ لم تشتعل بعد تتدلى من زاويةِ فمهِ
اليُسرى.
حَدَّقَ ڪُلٌّ منَّا في عينِ الأخرَ مُباشرةٌ.
فَحيَاني برفعِ حاجبيهِ؛
ثم ٵختفى وسط دوامةِ الأجسادِ المُحتشدةِ.