«هناك مَن سيقرأَ هذه الخواطرُ يوماً؛ لذا.. لن ٵُسجلَ حرفاً واحداً من ذلك السِّرُّ الرهيبُ.»

الأحد، 28 أكتوبر 2007

﴿  ١٤٠  

مُنذ خمسةً و عشرونَ عاماً تقريباً لم ٵڪن ٵيّ شيءٍ؛ مُجردُ عدمٍ، لا يحملُ ٵسمي ٵيّ معنى مُتعلق بي. و لڪن في لحظةٍ ما جئتُ إلــے هذا العالمُ، فما الَذي جاءَ بي ؟ لماذا لم ٵبقى هناك حيث العدمُ ؟ لماذا اُختيرتُ من بين ملايين اللاٵشياءِ الموجودة في العدمِ لأڪونَ ٵنا ؟ هل لفعلٍ ٵرتڪبتهُ سابقاً حين ڪنت عدماً فأستحققتُ بأن أڪون ٵنا ؟ ٵم أنني فقط مُجردُ نتيجةٌ لزواجِ آدمَ من حواء ؟
«مُجردُ حلقةٌ حتميةٌ في تسلسلٍ حتمي لا يمڪن تغييرهُ» لا ٵظُن ٵنَّ ٵياً من الاحتمالينِ واردٍ، فليس من المعقولِ ٵن ٵقومَ بأي شيءٍ في حين ٵنني ٵصلاً لا شيء و ليس من المعقولِ ٵن يتم اختياري بطريقةٍ عشوائيةٍ حتميةٍ.
إذن يبقى السؤالُ، لماذا ؟ ڪنت سابقاً عدماً، لا معنى و لا دلالهً و ٵنا الأنَّ ٵعلمُ مَن ٵنا. فبرغمِ ڪوني مادةً و روحاً إلا ٵنني حينما ٵموت لن ٵحملَ ٵي معنى، لا ٵرى ٵين ڪنت و لا ٵعلمُ إلــے ٵين سأذهبُ، مثلي مثل ملايين في هذا العالمُ لا سبباً في شيء و لا نتيجةً. و إذن يبقى السؤالُ، لماذا ؟
بالتأڪيدِ ليس لأهميةٍ في شخصي ڪما ٵثبتُّ آنِفاً. إذن لماذا ٵنا ؟
ٵنا ٵُحِبُّ وجودي و لا ٵذڪرُ ٵنني اخترتُ وجودي، لماذا ٵنا دوناً عن ڪُلِّ ٵُخواني في العدمِ، رُبما لم يُصبهُم الدورَ بعد ؟ فقط ٵُحاولَ ٵن ٵجِدُ سبباً اُخترتُ من ٵجلهِ.

الأحد، 21 أكتوبر 2007

﴿  ١٣٩  

البراغيثُ تحلمُ بشراءِ ڪلبٍ،  و اللاٵحدً يحلمونَ بالنجاةِ من البؤسِ، إنه في يومٍ سحريٍ ما سيمطرُ الحظُ الجيدَ عليهم فجأةً، سينهمرُ بڪمياتٍ ڪبيرةٍ، لڪن الحظَ الجيدُ لم يمطرُ البارحةِ، و لن يمطرُ اليومَ، ربما غداً ٵو في ٵي وقتٍ، و الحظُ الجيدَ لا يتساقط مهما عانَى اللاٵحد في استحضارهِ، حتى و لو ڪانت ٵيديهم اليُسرى مدغدغةٌ، ٵو إذا بدأو يوماً جديداً بأقدامهم اليمنى،
ٵو بدأو العامَ الجديدَ بتغييرَ المڪانسِ.
اللاٵحد؛ ٵطفالُ لا ٵحد، اللذين لا يملڪونَ شيئاً.
اللاٵحد؛ اللذين ليسوا ٵحداً، اللذين جُعِلوا هڪذا، يرڪضونَ ڪالأرانبِ، يموتونَ في الحياةِ. اللذين ليسوا، و لڪن يُمڪن ٵن يڪونوا. اللذين لا يتحدثونَ لُغاتٍ، و إنما لهجاتٍ. اللذين لا ٵديانَ لهم، و إنما خرافاتٍ. اللذين لا يُبدِعونَ فناً، و إنما صنْعةً يدويةً. اللذين لا يملڪونَ ثقافةً، و إنما فلڪلوراً. اللذين ليسوا ڪائناتٍ بشريةٍ، وإنما مصادرٍ بشريةٍ. اللذين ليس لهم وجوهٍ، بل ٵذرعٍ. اللذين لا ٵسماءَ لهم، و إنما ٵرقامٍ.
اللذين لا يظهرونَ في تاريخِ العالمِ، بل في دفتر الشُرطةِ في الصحيفةِ المحليةِ.
اللاٵحد؛ اللذين ليسوا بقيمة الرصاصة التي تقتلهم.

الأحد، 14 أكتوبر 2007

﴿  ١٣٨  

في القديمِ ڪانوا يعتبرونَ المرأةِ مُدعاةِ شؤمٍ، شيطانٍ، غضبٍ من الألههِ. و العربُ القدماء اعتبروها عاراً لابُد ٵن يوارى في الترابِ. و لڪن في عصرنا هذا تطورت الأمورُ ڪثيراً. فأعتُبرتُ المرأةُ ٵداةٌ لتفريغِ الڪبتٍ، مُجردُ وسيلةٌ وُجدت لتُرضي شهواتِ غيرها، مَن هى هذه المرأةِ ؟ ٵُمي و ٵُمكَ، ٵُختي و ٵُختكَ، حبيبتي و زوجتي و ٵبنتكَ. إنها المرأةُ، إنها ٵڪثرُ من نصف المجتمع، فالمرأةِ تبني الرَجُلُ. فَفي جميعِ المُجتمعاتِ العربيةِ و بنسبٍ مُتفاوتةٍ المرأةُ مُهانةٌ، المرأةُ لا تأخذُ حظها من الرعايةِ و القبولِ و الاهتمامِ ڪالرَجُلِ، مُنذ لحظة الولادة و هى تُڪبلُ، و يُمسحُ ڪيانها، و يُلغى وجودها، و تُطمسُ شخصيتها.
- هل يُعقلُ ٵن لا رأي للمرأةِ في إنتقاءِ شريكَ حياتها ؟
- هل يُعقلُ ٵن تُضربُ المرأةِ ؟
- هل يُعقلُ ٵن تُعاملُ ڪإنسانٍ من الدرجةِ الثانيةِ ؟
إنني مُتأڪدٌ ٵن ٵفضلَ النساءِ عندنا مُهانة.. و السببُ.. المُجتمع. المُجتمع الذي انشأ هذه المرأةِ علــے ٵُسُسٌ خاطئةٌ و مقوماتٌ ضعيفةٌ. مُجتمعنا الذڪوري ظالمٍ للمرأةِ.. و لم يُفڪرُ ٵنَّ هذه المرأةُ ستتزوج و تنجب ٵطفالٌ ستربيهم ڪما تربت هى، و تڪون النتيجة تراڪم المآسي فوق المآسي. فالمجتمعِ يجب ٵن يُحرر عقول الذڪورِ تجاهِ المرأةِ من ٵجلِ بناء امرأةٍ قادرةٍ علــے بناء مُجتمعٍ صالحٍ.. مع ٵحترامي للجميع؛ من ٵجلِ مُجتمعٌ نرتقي به للأفضل.

الأحد، 7 أكتوبر 2007

﴿  ١٣٧  

ذهبَ الرَجُل إلــے فراشه مُبڪراً، لڪنه لم يستطع النوم. تقلّب، طوى غِطاءهِ، ٵشعل سيجارةِ، قرأ قليلاً ثم ٵطفأ النور مُجدداً، لڪنه ٵيضاً لم يستطع النوم. في الثالثةِ صباحاً نهضَ من فراشهِ ثم ٵتصل بصديقهِ و تحدث معه بعدم قُدرته علــے النومِ طالباً رأيه، ٵقترح عليه الصديق ٵن يتمشى قليلاً، فقد ينالَ منه الإجهاد ثم عند عودته فليشرب ڪوباً من الينسون ٵو النعناع و ليطفيء النور. فعل ڪل ما قيل له لڪن ذلك لم يساعده علــے الغفوة. مرَّةً ٵُخرى نهضَ، و هذه المرَّةٍ ڪي يذهب لرؤية الطبيب، و ڪالعادة فقد تحدث معه الطبيب بما يڪفي غير ٵنَّ الرَجُل في النهاية مازال غير قادرٍ علــے النومِ. في السادسةِ صباحاً عبَّأ المُسدس و ٵطلق النار علــے رأسهِ. مات الرَجُل لڪنه مازال غير قادرٍ علــے النـومِ، إنَّ الأرقَ ٵمْرٌ في غايةِ المُثابرةِ.

الاثنين، 1 أكتوبر 2007

﴿  ١٣٦  

إنَّها تتحدث معه، نعم ٵنه هو.. بالنسبةِ لها يُعدُ ٵُسطورةٌ، علامةٌ بارزةٌ في تنميةِ حِسها؛ ٵخذت تدُورُ في ٵرجاءِ البيتِ و هى تُدَندِنُ بنبرةٍ فرحةٍ، ضامُهٌ إحدَى صورهُ لصدرها، لقد عاشت سنوات مراهقتها بين دفاتِ ٵفڪارهِ و مُدوناتهِ و مقالاتهِ، جميعها قرأتها؛ سنواتٍ طويلةٍ و هى تحلمُ بهذا الرَجُلُ، ڪيف يأڪلُ، مَتى ينامُ، ٵين يڪتبُ، عَرِفَت تاريخهِ، ماضيهِ، آراءهِ الجريئةِ، إخلاصهِ لأفڪارهِ، صدقهِ في البحثِ عنها، حياتهِ التي سخَّرها لتحقيقِ ٵهدافهِ النبيلةِ؛ ينتابها شعورانِ حاصراها، شعوران ممزوجانِ بالإعجابِ به و الرهبةِ من شخصيتهُ. جمَّعَت شِتاتِ شجاعتها، هربت من سياجِ جُبنِها؛ إنَّها تتصلُ بهِ.. نعم هذا ما حدثَ.. إنَّها تتصلُ بهِ. تسْرَبَ إليها صوتهِ رخيماً، رُجُولياً، هاديء النبرةِ، نظرت إلــے ملامحها في المرآةِ، ڪانت تعلو وجهها صُفرةٌ غريبةٌ، عضلاتِ وجهها مُتقلصةٌ، يداها ترتجفانِ، قلبها يُخفقُ بشدةٍ؛ ٵغلقت الخط.
إنَّها مُعجبةٌ بشخصيتهِ، مبهورةٌ بثقافتهِ، هل هى خائفةٌ من الوقوعِ في حُبِّهِ ؟
ڪلُّ ما ٵتذڪره إنَّها وصفتهُ بعد ٵن قابلتهُ بما يلي:
- يبدو في الحقيقةِ إنه ٵصغر سنّاً من صورهُ.
- وقورٌ.
- ابتسامتهُ ساحرةٌ.. ٵضفتا علــے ملامحهِ شُعاعاً من الجاذبية الغامضة، مما قد يدفع الڪثير من النساءِ للجري خلفهُ. بعدها رفعت يدها في وجهي لأقرأ  ما ڪُتبَ.. ڪانت الڪلماتِ مڪتوبةٌ بالقلمِ، بالحبرِ الأسود:
«إلــے مَن تسربت روحها إلــے نفسي لحظة رأيتُها».